فصل: تفسير الآية رقم (57):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (55):

القول في تأويل قوله تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [55].
{ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} نصب على الحال، أي: ذوي تضرع وخفية، والتضرع تفعل من الضراعة وهو الذل.
والخفية بضم الخاء وكسرها، مصدر خفي كرضي بمعنى اختفى، أي: استتر وتوارى، وإنما طلب الدعاء مع تينك الحالتين لأن المقصود من الدعاء أن يشاهد العبد حاجته وعجزه وفقره لربه ذي القدرة الباهرة، والرحمة الواسعة. وإذا حصل له ذلك، فلابد من صونه على الرياء، وذلك بالإختفاء، وتوصلاً للإخلاص.
فوائد:
في هذه الآية مشروعية الدعاء، بشرطيه المذكورين:
قال السيوطي في الإكليل: ومن التضرع رفع الأيدي في الدعاء، فيستحب.
وقد أخرج البزار عن أنس: «رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه بعرفة يدعو، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: هذا الإبتهال. ثم خاضت الناقة، ففتح إحدى يديه فأخذها وهو رافع الأخرى». انتهى.
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس! اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إن الذي تدعون سميع قريب» الحديث.
وقال عبد الله بن المبارك عن مبارك بن فَضَالة، عن الحسن قال: إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعربه الناس، وإن كان الرجل لقد فقه الكثير وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزَّوْر وما يشعرون به، ولقد أدركنا أقواماً ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية أبداً. ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يسمع لهم صوت، إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم وذلك أن الله تعالى يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}. وذلك أن الله ذكر عبداً صالحاً رضي فعله فقال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً}.
وقال ابن جريج: يكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء، ويؤمر بالتضرع والإستكانة.
وقال الناصر في الانتصاف: وحسبك في تعين الإسرار في الدعاء اقترانه بالتضرع في الآية، فالإخلال بالضراعة إلى الله في الدعاء، وإن دعاء لا تضرع فيه ولا خشوع، لقليل الجدوى، فكذلك دعاء لا خفية ولا وقار يصحبه.
وترى كثيراً من أهل زمانك يعتمدون الصراخ والصياح في الدعاء، خصوصاً في الجوامع، حتى يعظم اللغط ويشتد، وتستكّ المسامع وتستدّ، ويهتز الداعي بالناس، ولا يعلم أنه جمع بين بدعتين: رفع الصوت في الدعاء، وفي المسجد، وربما حصلت للعوام حينئذ رقة، لا تحصل مع خفض الصوت، ورعاية سمت الوقار، وسلوك السنة الثابتة بالآثار. وما هي إلا رقة شبيهة بالرقة العارضة للنساء والأطفال، ليست خارجة عن صميم الفؤاد، لأنها لو كانت من أصل، لكانت عند اتباع السنة في الدعاء، وفي خفض الصوت به، أوفر وأوفى وأزكى.
فما أكثر التباس الباطل بالحق، على عقول كثيرة من الخلق، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. انتهى.
وقد روى الحافظ أبو الشيخ في الثواب عن أنس مرفوعاً: «دعوة في السر تعدل سبعين دعوة في العلانية».
وقوله تعالى: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} أي: لا يحب دعاء المجاوزين لما أُمروا به في كل شيء، ويدخل فيه الإعتداء بترك الأمرين المذكورين، وهما التضرع والإخفاء دخولاً أولياً.
قال السيوطي في الإكليل: في الآية كراهية الإعتداء في الدعاء. وفسره زيد ابن أسلم بالجهر، وأبو مجلز بسؤال منازل الأنبياء، وسعيد بن جبير بالدعاء على المؤمن بالسر. أخرج ذلك ابن أبي حاتم، ولا يخفى أن هذا جميعه مما يشمله الإعتداء.
وقد روى الإمام أحمد وأبو داود، أن سعداً سمع ابناً له يدعو وهو يقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها، ونحواً من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها فقال: لقد سألت الله خيراً كثيراً، وتعوذت بالله من شر كثير وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء» وفي لفظ: «يعتدون في الطهور والدعاء، وقرأ هذه الآية: {ادْعُوا رَبَّكُمْ} الآية»، وإن بحسبك أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
وروى الإمام أحمد وأبو داود أن عبد الله بن مُغَفَّل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال: يا بنيّ سل الله الجنة، وعُذ به من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يكون قوم يعتدون في الدعاء والطهور».

.تفسير الآية رقم (56):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [56].
{وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} قال أبو مسلم: أي: لا تفسدوها بعد إصلاح الله إياها، بأن خلقها على أحسن نظام، وبعث الرسل، بين الطريق، وأبطل الكفر.
قال أبو حيان: هذا نهي عن إيقاع الفساد في الأرض، وإدخال ماهيته في الوجود بجميع أنواعه، من إفساد النفوس والأموال والأنساب والعقول والأديان.
ومعنى: {بَعْدَ إِصْلاحِها}: بعد أن أصلح الله خلقها على الوجه الملائم لمنافع الخلق، ومصالح المكلفين. انتهى.
{وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً} أي: ذوي خوف من وبيل العقاب، نظراً إلى قصور أعمالكم، طمع فيما عنده من جزيل الثواب، نظراً إلى سعة رحمته، وفور فضله وإحسانه: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} أي: أن رحمته مرصدة للمحسنين الذي يتبعون أوامره، ويتركون زواجره، كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُون} الآية.
لطائف:
الأولى: قال في اللباب: إن قلت: قال في أول الآية {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} وقال هنا: {وادْعُوهُ}، وهذا هو عطف الشيء على نفسه، فما فائدة ذلك؟
قلت: الفائدة فيه أن المراد بقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ} أي: ليكن الدعاء مقروناً بالتضرع والإخبات، وقوله: {وادْعُوهُ خَوْفاً وطَمعاً} أن فائدة الدعاء أحد هذين الأمرين، فكانت الآية الأولى في بيان شرط صحة الدعاء، والآية الثانية في بيان فائدة الدعاء.
وقيل: معناه كونوا جامعين في أنفسكم بين الخوف والرجاء في أعمالكم كلها، ولا تطمعوا أنكم وفيتم حق الله في العبادة والدعاء، وإن اجتهدتم فيهما.
الثانية: في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ} الآية، ترجيح للطمع على الخوف، لأن المؤمن بين الرجاء والخوف، ولكنه إذا رأى سعة رحمته وسبقها، غلب الرجاء عليه.
وفيه أيضاً تنبيه على ما يتوسل به إلى الإجابة، وهو الإحسان في القول والعمل.
قال مطر الوراق: استنجزوا موعود الله بطاعته، فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين.
الثالثة: تذكير قريب، لأن الرحمة بمعنى الرحم، أو لأنه صفة لمحذوف، أي: أمر قريب، أو على تشبيه بفعيل، الذي هو بمعنى مفعول، أو الذي هو مصدر كالنقيض والصهيل، أو للفرق بين القريب من النسب والقريب من غيره، فإنه يقال: فلانة قريبة مني لا غير، وفي المكان وغيره يجوز الوجهان، أو لاكتسابه التذكير من المضاف إليه، كما أن المضاف يكتسب التأنيث من المضاف إليه، وقد أوصلوا توجيه تذكيره إلى خمسة عشر وجهاً.
ولما ذكر تعالى أنه خالق السموات والأرض، وأنه المتصرف الحاكم المدبر المسخر، وأرشد إلى دعائه لأنه على ما يشاء قدير، نبه تعالى على أنه الرزاق، وأنه يعيد الموتى يوم القيامة، فقال سبحانه:

.تفسير الآية رقم (57):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [57].
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} أي: قدام رحمته التي هي المطر، فإن الصبا تثير السحاب، والشمال تجمعه والجنوب تدره، والدبور تفرقه. وهذا كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} وقوله سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ}.
قال الثعالبي: المبشرات التي تأتي بالسحاب والغيث.
تنبيه:
قال أبو البقاء: يقرأ: {نُشُراً} بالنون والشين مضمومتين، وهو جمع، في واحده وجهان:
أحدهما: {نَشُور} مثل صبور وصبر، فعلى هذه يجوز أن يكون فعول بمعنى فاعل، أي: ينشر الأرض، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول، كركوب بمعنى مركوب، أي: منشورة بعد الطي، أو منشرة أي: مُحياة، من قولك أنشر الله الميت فهو مُنشر، ويجوز أن يكون جمع ناشر، مثل بازل وبُزل. ويقرأ بضم النون وإسكان الشين، على تخفيف المضموم. ويقرأ {نشراً} بفتح النون وإسكان الشين، وهو مصدر نشر بعد الطي، أو من قولك أنشر الله الميت فنشر أي: عاش.
ونصبه على الحال، أي: ناشرة، أو ذات نشر، كما تقول: جاء ركضاً أي: راكضاً.
ويقرأ: {بُشراً} بالباء وضمتين، وهو جمع بشير، مثل قليب وقُلب، ويقرأ كذلك إلا أنه بسكون الشين على التخفيف. ويقرأ {بشرى} مثل حُبلى، أي: ذات بشارة ويقرأ {بَشر} بفتح الباء وسكون الشين، وهو مصدر بشرته- أي: بالتخفيف- إذا بشرته. انتهى.
{حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ} أي: حملت: {سَحَاباً ثِقَالاً} أي: من كثرة ما فيها من الماء: {سُقْنَاهُ} أي: السحاب.
قال الشهاب: السحاب إسم جنس جمعي، يفرق بينه وبين واحده بالتاء، كتمر وتمرة، وهو يذكر ويؤنث ويفرد وصفه، ويجمع، وأهل اللغة تسميه جمعاً، فلذا روعي فيه الوجهان، في وصفه وضميره. انتهى.
أي: أرسلناه مع أن طبعه الهبوط: {لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ} أي: لأجله ولمنفعته، أو لإحيائه أو لسقيه. وميت، قرئ مشدداً ومخففاً {فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء} أي: الضمير. والضمير في به للبلد: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ} أي: المختلفة الأنواع، مع أن ماءها واحد. والمراد بكل الثمرات، المعادة في كل بلد تخرج به على الوجه الذي أجرى الله العادة بها ودبرها.
والضمير في به، للماء أو لبلد {كَذَلِكَ} أي: مثل ذلك الإخراج {نُخْرِجُ الْموْتَى} أي: نحييها بعد صيرورتها رميماً يوم القيامة، ينزل الله سبحانه وتعالى ماء من السماء، فتمطر الأرض أربعين يوماً، فتنبت منه الأجساد في قبورها، كما ينبت الحب في الأرض: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي: إنما وصفنا من هذا التمثيل لكي تتذكروا، من أحوال الثمرات التي أعيدت إلى حالها بعد تلفها، أحوال الآخرة، فتعلموا أن من قدر على ذلك، قدر على هذا بلا ريب.
تنبيه:
من أحكام الآية كما قال الجشمي: أنها تدل على عظم نعمه تعالى علينا بالمطر، وتدل على الحجاج في إحياء الموتى بإحياء الأرض بالنبات، وتدل على أنه أراد من الجميع التذكر، وتدل على أنه أجرى العادة بإخراج النبات بالماء. وإلا فهو قادر على إخراجه من غير ماء، فأجرى العادة على وجوه دبرها عليها على ما نشاهده، لضرب من المصلحة ديناً ودنيا.
ومنها إذا رأى الأرض الطيبة تزرع دون الأرض السبخة، وأنها قطع متجاورات، علم فساد التقليد، وأنه يجب أن يتفحص عن الحق حتى يعتقده.
ومنها أنه إذا زرع وعلم وجوب حفظه من المبطلات، علم وجوب حفظ الأعمال الصالحة من المحبطات.

.تفسير الآية رقم (58):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} [58].
{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} أي: الأرض الكريمة التربة {يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} أي: يخرج نباته وافياً حسناً غزير النفع، بمشيئته وتيسيره {وَالَّذِي خَبُثَ} أي: كالحرة، وهي الأرض ذات الحجارة السود. وكالسبخة بكسر الباء، وهي الأرض ذات الملح {لاَ يَخْرُجُ} أي: نباته: {إِلاَّ نَكِداً} أي: قليلاً، عديم النفع. يقال: عطاء نكد، أي: قليل لا خير فيه، وكذا رجل نكد. قال:
فأعطِ ما أعطيتَه طيباً ** لا خيرَ في المنْْكُودِ والنَّاكِدِ

وقال:
لا تُنْجِزِ الوَعْدَ إن وعَدْتَ ** وإن أعطيتَ، أعطيتَ تافهاً نكِدا

تنبيه:
قال ابن عباس في الآية: هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر.
وقال قتادة: المؤمن سمع كتاب الله فوعاه بعقله، وانتفع به، كالأرض الطيبة أصابها الغيث فأنبتت، والكافر بخلاف ذلك، وهذا كما في الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضاً، فكانت منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعَلِمَ وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلتُ به».
لطيفة:
قال أبو البقاء: يقرأ: {يَخْرُجُ نَباَتُهُ} بفتح الياء وضم الراء ورفع النبات. ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الياء، على ما لم يسم فاعله. ويقرأ بضم الياء وكسر الراء ونصب النبات أي: فيخرج الله أو الماء. ثم قال: ويقرأ: {نَكِداً} بفتح النون وكسر الكاف، وهو حال، يقرأ بفتحهما على أنه مصدر أي: ذا نكد. ويقرأ بفتح النون وسكون الكاف وهو مصدر أيضاً، وهو لفة ويقرأ: {يُخرج} بضم الياء وكسر الراء، و{نكداً} مفعوله.
{كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ} أي: نبين وجوه الحجج ونرددها ونكررها: {لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} يعني كما ضربنا هذا المثل، كذلك نبين الآيات الدالة على التوحيد والإيمان آية بعد آية، وحجة بعد حجة، لقوم يشكرون الله تعالى على إنعامه عليهم بالهداية، وأن جَنَّبهم سبيل الضلالة، وإنما خص الشاكرين بالذكر لأنهم هم الذين انتفعوا بسماع القرآن.